في عالم ريادة الأعمال، أصبح نهج الاشتراك في الخدمات واحدًا من أقوى أسرار النمو في مختلف القطاعات. إذ غيّرت نماذج الاشتراك الطريقة التي نتفاعل بها كمستهلكين مع العلامات التجارية ونستفيد من خدماتها، من وسائل الترفيه إلى المنتجات الاستهلاكية. ولعل من أبرز الأمثلة على هذا التحول “نتفليكس” و “دولار شيف كلوب،” حيث نجحا في استخدام هذا النموذج بشكل غير العالم، مما ساعدهما في إنشاء علاقة مستدامة مع عملائهما ورفع مستوى رضاهم.
نتفليكس – قصة غيرت صناعة الترفيه
بدأت نتفليكس كخدمة تتيح تأجير أقراص DVD عبر البريد، ولكن سرعان ما تبنت نموذج البث الرقمي، لتصبح بعد فترة وجيزة واحدة من أكبر منصات بث الفيديو في العالم. إذ تمكنت نتفليكس من تحسين تجربة المستخدم بشكل كبير عبر تقديم توصيات شخصية بناءً على تفضيلات المشاهدين وذلك من خلال استخدام أحدث ما تقدمه التكنولوجيا فيما يتعلق بتقنيات البيانات الضخمة. هذه الاستراتيجية أسهمت في رفع عدد المشتركين إلى أكثر من 230 مليون مستخدم في 2023 وتحقيق إيرادات تتجاوز 33 مليار دولار أمريكي. كما ساعدت استثماراتها في محتوى خاص بها من مسلسلات بلغات مختلفة في تعزيز جاذبية المنصة، فًاصبحت الخيار الأول للكثير من المشاهدين حول العالم.
ثورة في سوق الحلاقة سببتها شركة دولار شيف كلوب
أحدثت دولار شيف كلوب (Dollar Shave Club) ثورة في سوق أدوات الحلاقة عندما حققت المعادلة الصعبة وقدمت منتجات بجودة عالية وفي الوقت نفسه بأسعار معقولة. وجاء سر التفوق في تركيزها على الراحة وتدشين نظام الاشتراك الشهري. بدلًا من أن يضطر العملاء إلى الذهاب إلى المتاجر لشراء شفرات حلاقة، يضمن لهم نموذج الاشتراك الحصول على المنتجات بشكل دوري دون عناء. هذا الاتجاه إلى جانب حملاتها التسويقية المبتكرة التي تضمنت فيديو تسويقي حقق أكثر من 12 مليون مشاهدة في أول أسبوع من إطلاقه ساعدا الشركة على اكتساب قاعدة عملاء عملاقة مما دفع الشركة الحوت Unilever – شركة السلع الاستهلاكية للأطعمة والمشروبات والمنظفات والعناية الشخصية والصحة المعروفة في أكثر من 190 دولة – للاستحواذ عليها في صفقة بلغت 1 مليار دولار في 2016.
أهناك عوامل نجاح مشتركة؟
نعم، بل العديد من العوامل التي تساهم في نجاح نماذج الاشتراك، ومنها التخصيص الذي يُمكِّن الشركات من تقديم منتجات وخدمات تناسب احتياجات كل عميل من عملائها. بالإضافة إلى الراحة الكبيرة التي يتمتع بها المستهلكون من خلال خاصية التوصيل الدوري للخدمات الذي يقلل من جهد العملاء. ناهيكم عن أن استخدام التكنولوجيا والبيانات أصبح عنصرًا أساسيًا في عصرنا لتحسين تجربة المستخدم وتوفير محتوى وخدمات أكثر دقة.
ماذا نستفيد من ذلك؟
علينا أن نفهم أن مفتاح نجاح أي شركة تعتمد على الاشتراكات يكمن في فهمها العميق لجمهورها واحتياجاته. علينا أيضًا أن نفهم أن الاستثمار في التكنولوجيا أمر لا غنى عنه يضمن تحسننا باستمرار وتقديمنا الخدمات التنافسية. علاوة على ذلك، ينبغي للشركات أن تقدم دومًا خيارات متنوعة لإتاحة خدماتها ومنتجاتها ومزاياها وبأسعار مناسبة حتى تتيح للعملاء اختيار الأنسب لهم والاحتفاظ بهم.
تعد نماذج الاشتراك واحدة من أبرز الاتجاهات التي ستستمر في النمو والتوسع في المستقبل. ومن المتوقع أن تجد هذه النماذج تطبيقات جديدة في مجالات مثل التعليم والصحة. وبالتالي فالشركات التي يمكنها الاستفادة من قصص نجاح شركات الاشتراكات ستتمكن من تحقيق تفاعل أكبر مع عملائها وضمان استمرارية في الإيرادات والنمو.