في كل يوم، ينشر مليارات الأشخاص ويشاركون ويعلقون ويدردشون على مواقع التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت، حيث حلت هذه الوسائل محل الوسائل التقليدية للتواصل والتفاعل الاجتماعي، وبالتالي انتقلت الإعلانات بدرجة كبيرة إلى هذه المواقع حيث أدركت الشركات أن جمهورها ينتقل إلى الواقع الافتراضي. في المقابل، تجاهد إدارات هذه المواقع في مكافحة السلوكيات الإنسانية السيئة التي انتقلت كذلك إلى المجتمعات الافتراضية؛ فمثلًا تواجه الشركات والأعمال زيادة انتشار الشائعات وتعليقات الكراهية أو السخرية، والتي تؤثر على جذب هذه الأعمال للاستثمارات.
تعتمد مواقع التواصل الاجتماعي – مثلها كمثل وسائل الإعلام التقليدية – على الإعلانات في تحقيق الأرباح، وكلما ازداد عدد مستخدمي هذه المواقع ونشاطهم عليها ازداد إقبال الشركات على الإعلان عليها. ترصد إدارات مواقع التواصل الاجتماعي كل نقرة أو عملية نشر أو استعراض لصفحة ما لتحليل أفضل مجالات الاستثمار في مواقعها، بغرض جذب عدد أكبر من المستخدمين وزيادة تفاعلهم على المواقع ومن ثمّ زيادة الإعلانات.
وتحقق عوائد مواقع التواصل الاجتماعي من الإعلانات قفزات كبرى عامًا بعد عام، فمثلًا ارتفع إجمالي أرباح هذه المواقع – متمثلًا في أرباح الإعلانات والألعاب والتطبيقات داخل المنصة – من 17.9 مليار دولار أمريكي في 2014 إلى 25.1 مليار في 2015 ثم 32.9 مليار في 2016 ثم 41 مليار في 2017، بحسب موقع eMarketer.
وإلى جانب الإعلانات، تحوّل المستخدمون أنفسهم إلى منتجات بالنسبة لمواقع التواصل الاجتماعي، من خلال جمع قدر هائل من البيانات عنهم وعن تفضيلاتهم ثم بيع هذه البيانات للشركات الراغبة في استهداف جمهور بعينه، وكلما ازداد عدد المستخدمين والوقت الذي يقضونه على هذه المواقع ازداد حجم البيانات التي تجمعها المواقع وتبيعها لأعلى سعر، لذا تستغل المواقع هذه البيانات كذلك في عرض المحتوى الذي تظن أن المستخدم يفضّله لجذبه إلى قضاء وقت أكبر على المنصة.
لكن سعي مواقع التواصل الاجتماعي إلى جذب المستخدمين وتطوير الميزات التي توفرها لهم يضع على عاتق إداراتها المزيد من المسؤولية في تأمين بيئة صحية للمستخدمين على هذه المواقع، من خلال تدابير لمكافحة الأخبار المضللة وخطاب الكراهية وغير ذلك من الممارسات الاجتماعية السيئة التي انتقلت من أرض الواقع إلى الساحات الإلكترونية، وذلك للحفاظ على المستخدمين الحاليين وجذب المزيد ومن ثمّ تنمية اقتصادها من جهة، وتطبيقًا لمسؤوليتها الاجتماعية العظمى من جهة أخرى.
المصدر: