هل نحتاج إلى تطبيق ميثاق أخلاقي جديد للإعلام الرقمي؟

أنتج التحول الرقمي للعمل الصحفي عددًا من المعضلات الأخلاقية التي تواجه الصحفيين العاملين في منصات رقمية، فضلًا عن المعضلات الأخلاقية التقليدية في الممارسة الإعلامية، حيث حملت التطورات الرقمية للإعلام البساطة والتعقيد في الوقت نفسه. وترتبط هذه المعضلات غالبًا بالملكية الفكرية وعملية جمع المعلومات وتضارب المصادر والتلاعب الرقمي.

ترى دونيا مياتوفيتش، الخبيرة البوسنية البارزة في قوانين الإعلام ولوائحه، أن الحل في الضبط الذاتي Self-regulation لرفع حسّ المساءلة عند الصحفيين الرقميين، باعتباره حل أكثر مرونةً من الضبط الحكومي State Regulation. بعض المؤسسات الإعلامية شرعت بالفعل في تطوير مواثيقها الأخلاقية لتشمل الإعلام الرقمي، فيما شرعت بعض الدول في تضمين مواثيق أخلاقية لهذا الغرض.

لكن ربما لا يكون هذا الحل المستند إلى الوازع الداخلي كافيًا للسيطرة على الإعلام الرقمي عالمي الانتشار. فمع ظهور الحاجة إلى سيناريو جديد للضبط الأخلاقي للإعلام، ظهرت دعوات إلى وضع ميثاق أخلاقي عالمي للإعلام؛ مثل دعوة ستيفن وارد، المنظّر الأمريكي لأخلاقيات الإعلام، الذي نادى بميثاق يضم مجموعة شاملة من المبادئ والمعايير لمزاولة مهنة الصحافة في عصر الإعلام الجديد الذي أصبح عالميًا في محتواه وانتشاره وتأثيره.

وبما أن ظهور الإنترنت كوسيلة إعلامية غيّر مفهوم الصحافة والصحفي، خصوصًا بعد ظهور منصات التواصل الاجتماعي، فقد أصبح الضبط الأخلاقي للمحتوى الإعلامي أكثر صعوبةً من أي وقت مضى، سواءً بالقوانين أو بالاعتماد على الضبط الذاتي؛ وهو ما تجب مراعاته في المواثيق الأخلاقية للمهنة.

وفقًا لدراسة إسبانية أجريت عام 2015م ونُشرت بالدورية العلمية Telematics and Informatics، أجرت 31 دولة بالفعل تغييرات على مواثيق الشرف الإعلامية فيها، لكن تضمنت المواثيق في 9 فقط من هذه الدول إشارة محددة إلى الإنترنت أو التقنيات الرقمية أو الإعلام الرقمي. على صعيد آخر، اكتفى بعض الدول بتعديل طفيف في الميثاق الأخلاقي يوضح أن الممارسة الأخلاقية بالمهنة “لا تتغير بتغير الوسيلة”، مثلما فعلت كندا. بعض الدول التفت أيضًا في مواثيق الشرف الإعلامية إلى التفاعل عبر الإنترنت مع المحتوى الإعلامي باعتباره جزءًا محتوى إعلاميًا في ذاته، مثلما فعل مجلس الصحافة الهولندي.

يظل هناك العديد من التحديات التي تواجه المحتوى الإعلامي الرقمي، مثل الاختراق والقرصنة وسهولة نشر المحتوى التحريضي، وهي إشكاليات يبدو أنها عصية على المواثيق الأخلاقية حتى اليوم، وإن حاولت المنصات العالمية التصدي لها باللوائح الداخلية.

المصدر:

https://www.academia.edu/25191200/Do_we_need_a_new_ethics_for_the_digital_media

Scroll to Top