في عالم إدارة المشاريع، يعد التخطيط الفعال والجدولة الدقيقة عنصرين أساسيين لضمان نجاح المشاريع. ومن بين الأدوات التي أثبتت فاعليتها في تحسين إدارة المشاريع، تبرز تقنية المسار الحرج (Critical Path Method – CPM ) بوصفها إحدى أهم المنهجيات المستخدمة عالميًا.
ما هي تقنية المسار الحرج؟
طُوِّرت هذه التقنية في أواخر الخمسينيات من قبل شركة DuPont وشركة Remington Rand، ومنذ ذلك الحين أصبحت أداة أساسية في تخطيط المشاريع وإدارتها، خاصة في القطاعات الهندسية، والبناء، وتكنولوجيا المعلومات، والتصنيع.
المسار الحرج هو أطول تسلسل من الأنشطة في المشروع، وهو ما يحدد المدة الزمنية الإجمالية اللازمة لإكماله، فأي تأخير في الأنشطة الموجودة ضمن هذا المسار سيؤدي مباشرةً إلى تأخير المشروع بأكمله، مما يجعل هذه الأنشطة نقاطًا حرجة يجب إدارتها بعناية.
مكونات المسار الحرج
لتحليل المسار الحرج، يجب فهم بعض المفاهيم الأساسية:
1. الأنشطة Aactivities: مثل المهام المطلوبة لإتمام المشروع.
2. المدة Duration : المدة الزمنية اللازمة لكل نشاط.
3. التبعيات Dependencies: العلاقة بين الأنشطة التي تحدد تسلسل تنفيذها.
4. الأوقات المبكرة والمتأخرة Early & Late Times: الوقت المبكر الذي يمكن أن يبدأ فيه النشاط، والوقت المتأخر الذي يمكن أن ينتهي فيه دون تأخير المشروع.
5. الهامش الزمني Float or Slack: مقدار الوقت الذي يمكن أن يتأخر فيه نشاط معين دون التأثير على المسار الحرج.
كيف تعمل تقنية المسار الحرج؟
1. تحديد الأنشطة والمهمات
وذلك بتحديد جميع الأنشطة اللازمة لإكمال المشروع وتوثيقها في قائمة.
2. تحديد العلاقات بين الأنشطة
أي تحديد كيفية ترابط الأنشطة فيما بينها، هل يعتمد كل نشاط على إتمام نشاط آخر قبل البدء، أم يمكن تنفيذ الأنشطة بالتوازي؟
3. تقدير مدة كل نشاط
وذلك بتحديد الوقت اللازم لإتمام كل نشاط، ويمكن تقديره بناءً على تجارب سابقة أو باستخدام أدوات تحليلية.
4. إنشاء مخطط الشبكة Network Diagram
يساعد المخطط في تجسيد الأنشطة والروابط فيما بينها، يُستخدم عادةً مخطط الأنشطة على الأسهم (Activity on Arrow – AOA )، أو مخطط الأنشطة على العقد (Activity on Node – AON)
فوائد استخدام تقنية المسار الحرج
1. تحسين دقة الجدولة الزمنية
يساعد CPM في إنشاء جدول زمني دقيق يحدد المدة الإجمالية للمشروع، والوقت المتوقع لإنجاز كل نشاط.
2. تحسين تخصيص الموارد
من خلال تحديد المسار الحرج، يمكن لمديري المشاريع توزيع الموارد بفاعلية لضمان عدم وجود اختناقات تؤثر على تقدم العمل.
3. الحد من التأخيرات غير المتوقعة
تتيح معرفة الأنشطة الحرجة التركيز على المهام الأساسية، ومنع أي تأخير قد يؤدي إلى تعثر المشروع.
4. تسهيل اتخاذ القرارات
باستخدام البيانات التي يوفرها CPM، يمكن لمديري المشاريع اتخاذ قرارات مستندة إلى الحقائق حول إعادة جدولة الأنشطة، أو إعادة تخصيص الموارد.
5. تحسين إدارة المخاطر
يساعد CPM في تحديد المخاطر المحتملة المرتبطة بالأنشطة الحرجة، مما يتيح الفرصة لاتخاذ التدابير الوقائية اللازمة.
بعبارة أخرى، صُمم CPM لمساعدة مديري المشاريع على:
1. تحديد الأنشطة الأساسية التي لا يمكن تأخيرها دون التأثير على مدة المشروع.
2. حساب الوقت اللازم لكل نشاط، وتحديد المسار الزمني الأمثل.
3. تخصيص الموارد بفاعلية لمنع التأخيرات غير المتوقعة.
أمثلة عملية لتطبيق تقنية المسار الحرج
1. قطاع البناء والتشييد
في مشاريع البناء، يُستخدم CPM لتحديد تسلسل الأنشطة مثل الحفر، ووضع الأساسات، وبناء الجدران، وتركيب الأنظمة الكهربائية، والسباكة، مما يضمن اكتمال المشروع في الوقت المحدد.
2. مشاريع تطوير البرمجيات
في صناعة تكنولوجيا المعلومات، يُستخدم CPM لتحديد الأنشطة الحرجة في دورة تطوير البرمجيات مثل التحليل، والتصميم، والبرمجة، والاختبار.
3. الصناعات الدوائية
يُستخدم CPM في إدارة مشاريع تطوير الأدوية، إذ يساهم في تخطيط التجارب السريرية، وضمان امتثالها للجدول الزمني المحدد.
تُعد تقنية المسار الحرج (CPM ) من أهم أدوات إدارة المشاريع، إذ توفر وسيلة دقيقة وجدولة فعالة لمساعدة الشركات على تنفيذ مشاريعها بنجاح.
وعلى الرغم من التحديات المرتبطة بتطبيقها، إلا أن فوائدها الكبيرة في تحسين دقة التخطيط، وتخصيص الموارد، وإدارة المخاطر تجعلها خيارًا إستراتيجيًا للعديد من الصناعات، مما يضمن تحقيق الأهداف في الوقت المحدد وضمن الميزانية المقررة.
المصدر
https://taskbrowse.com/ar/2024/07/06/what-is-cpm/